الحرب على ليبيا بالأرقام PDF Drucken E-Mail
Dienstag, den 21. Juni 2011 um 00:52 Uhr

مهرجان الأكاذيب الغربية

التسعون يوماً التي مضت على بدء القوات الأميركية تدخّلها في ليبيا، شكلت محطة لمراجعة «جدوى» هذا التدخل و«مردود» العمليات الأطلسية التي تجاوزت العشرة آلاف طلعة جوية حتى الآن. هذه المراجعة اتسمت بالتوتر على مستويين: المستوى الأميركي الداخلي بين الكونغرس والبيت الأبيض، والجدل المتزايد بين واشنطن وحلفائها الأوروبيين حول حجم مشاركة هؤلاء الحلفاء في العمليات الجوية.
في مواكبة هذا التوتر تتكثف التقارير الغربية القائلة بأن الضربات الجوية وحدها لا يمكن أن تضع حداً للنزاع، ولا أمل للمتمردين في تحقيق أي نصر عسكري حقيقي على الأرض، الأمر الذي يفتح الباب واسعاً أمام التحول الى التسوية السياسية التي تكتسب يوماً بعد يوم فرصاً جديدة. ماذا أيضاً في المشهد الليبي؟

فجأة انتقل باراك أوباما من موقع المبادرة الى موقع الدفاع عندما أكد ناطق باسم البيت الأبيض (يوم الأربعاء الفائت) أن الرئيس الأميركي يملك صلاحيات تتيح له الاستمرار في العمل العسكري في ليبيا، من دون الحصول على تفويض تشريعي من الكونغرس. هذا التأكيد جاء في معرض الرد على حملة مركزة تطوع لها أعضاء في مجلس الشيوخ هددوا برفع دعوى قضائية ضد أوباما لإشراكه الولايات المتحدة في الحرب خلافاً لقانون «سلطات الحرب» الذي يقضي بطلب إذن من الكونغرس خلال فترة الـ90 يوماً من بدء العمليات العسكرية (المهلة انتهت يوم الأحد الفائت). الحملة جاءت على خلفية انتقادات متزايدة للتدخل الأميركي الذي لا يحظى بشعبية لدى الرأي العام الأميركي، ولا يستند الى مبررات قانونية كافية، فضلاً عن أنه يشكل مخالفة صريحة لقانون سلطات الحرب (1973).
المراقبون قرأوا في الحملة النيابية والتبريرات الأوبامية محاولة للحد من السلطات الرئاسية في موضوع شن الحروب، وهجمة وقائية ترمي الى قطع الطريق على إمكان توسيع العمليات العسكرية الأميركية في ليبيا والتي تراوح في اللاجدوى بعد مضي أكثر من ثلاثة أشهر. وفي محاولة لطمأنة الرأي العام الأميركي، وهي طمأنة تتصل بالاستحقاقات الرئاسية المقبلة، وضع البيت الأبيض تقريراً حول النفقات الأميركية بعث به الى الكونغرس، جاء فيه أن نفقات وزارة الدفاع وحدها على هذه الحرب بلغت 716 مليون دولار بحلول مطلع حزيران (يونيو)، وتوقع ان تبلغ هذه النفقات 1,1 مليار دولار بحلول أيلول (سبتمبر) المقبل. التقرير أوضح ان قيمة الصواريخ والقنابل الأميركية التي أسقطت على ليبيا، تجاوزت 398 مليون دولار، فيما بلغت كلفة تحليقات طائرات التجسس الأميركية المشاركة في العملية ودفع رواتب العسكريين الأميركيين المشاركين في العملية 314 مليون دولار.
الرقم الذي تم الكشف عنه أميركياً لا يشمل بالطبع التكلفة الحقيقية للعمليات التي تنفذ ضد ليبيا. ويقدر خبراء في مجال الدفاع أن تتجاوز النفقات البريطانية ملياراً وستمائة وتسعين مليون دولار تقريباً بحلول أيلول (سبتمبر) المقبل. وهذه الأرقام تؤكد أن العمليات الدائرة منذ 20 آذار (مارس) الفائت ليست نزهة عسكرية كما تصوّر البعض بل هي حرب مكلفة تصل أرقامها الى مليارات الدولارات، وهي استحقاقات تسددها الدول المشاركة على أمل استردادها من المتمردين، وبصورة خاصة الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا.
والمفارقة التي تسجل هنا هي أن الدول المشاركة تحاول التمويه على شعوبها في تبرير «جدوى» العمليات من دون أن تتضح حتى الآن حدودها الزمنية ولا أهدافها الواقعية، على أمل تقاسم الثروة النفطية الليبية في المستقبل، وهو تقاسم يندرج في باب الأوهام الكبيرة. وعملية حسابية بسيطة تبين أن كلفة الحرب على ليبيا، وهي مرشحة لأن تطول، سوف تقفز بين شهر وآخر الى مليارات الدولارات، تتوزع على المعدات العسكرية والقنابل الذكية وطلعات الطائرات المقاتلة والدعم اللوجستي للمتمردين... والمساعدات الانسانية، في ما يمهد لوضع هؤلاء المتمردين ـ اذا هم نجحوا في توسيع جغرافية «جمهورية بنغازي» ـ في موقع الارتهان الكامل للدول الخارجية، ووضع أجزاء من الثروة النفطية في تصرف المجموعة الأطلسية. وتؤكد مصادر المتمردين عبر ما يسمى «المجلس الانتقالي» أن المجلس يحتاج الى 3 مليارات دولار في الأشهر المقبلة لسد حاجاته المالية، الأمر الذي يزيده ارتهاناً للحكومات الغربية التي تستخدم تفويض الأمم المتحدة في مغامرة غير محسوبة العواقب.
واستناداً الى تقارير رقمية صادرة عن جهات رسمية (قسم الموازنة في البنتاغون) فإن عمليات فرض الحظر الجوي على البوسنة في العام 1996 كلفت الولايات المتحدة 3,4 مليار دولار، وفي العراق 2,1 مليار، وفي كوسوفو 2,4 مليار. وفي الحرب الدائرة في ليبيا تبلغ تكلفة صاروخ توماهوك ما بين 1 و1,5 مليون دولار، وقد وصل عدد الصواريخ التي أطلقت حتى الآن أكثر من 191 صاروخاً تكلفتها الاجمالية 268,8 مليون دولار. كما تطلق القوات الأميركية القنابل «الذكية» التي يصل وزن الواحدة منها ألفي باوند وتعرف باسم «ذخائر الهجوم المباشر»، وكل من هذه القنابل المضادة للدبابات تكلف 30 ألف دولار، وقد ألقيت منها المئات حتى الآن في أكثر من أربعة آلاف طلعة جوية. أما تكلفة كل طلعة من طلعات طائرات «بي ـ 2» فإنها تصل الى عشرة آلاف دولار لكل ساعة طيران، علماً أن مئتي طائرة اميركية تشارك في تنفيذ الحظر الجوي والهجمات المباشرة. الخبراء يقولون أيضاً أن تكلفة طيران ساعة واحدة لطائرات تورنيدو البريطانية تصل الى 35 ألف باوند، وأن ساعة طيران طائرة «تايفون» تكلف 70 ألف باوند، وأن العجز المالي في وزارة الدفاع البريطانية سيصل الى مليار جنيه استرليني في نهاية العام

 

 

Quelle: Alkifah Al Arabi