اصلاحات الرئيس الاسد و حوار وطني فوق نار الفتنة PDF Drucken E-Mail
Geschrieben von: Dr. Taha-Pascha   
Dienstag, den 07. Juni 2011 um 11:10 Uhr

 

 

التصعيد الذي تواجهه سورية و رفع سقف المطالب و المواجهات المسلحة للضغط على الحكومة السورية جعلت المراقبين يتساءلون... ترى ماذا تريد تلك القوى؟

هل هي تنادي لاصلاحات حقيقية ام انها تنفذ مخططات خارجية؟

وزيرة الخارجية الامريكية السيدة هيلاري كلينتون اعترفت بان الاصلاحات التي قام بها الرئيس الاسد لم يقم بها اي زعيم عربي و بالرغم من ذلك فرضت علي النظام السوري تلك العقوبات التي تدل على ان الاصلاحات بحد ذاتها ليست الهدف و انما الضغط على سورية و كسر اللاءات المعهودة و الاخذ بتلك الاملاءات الامريكية هو الهدف الحقيقي لتلك الحملة

 

عفو عام وإطلاق سجناء سياسيين وحوار وطني شامل من جانب، بمقاييس الانفتاح والعقلانية والاصلاح والتحديث، وتحريض على الفتنة بكل أشكالها في جانب آخر وسط هجمة اعلامية شرسة تتولاها بعض الفضائيات من جهة أخرى. بهذه المعادلة يمكن اختصار الأسبوع السوري الأخير، الذي يشكل امتداداً لما قبله على مساحة شهرين كاملين و«جمعات» متوترة لم تتوقف بعد. انه الحوار فوق نار الفتنة وهذه بعض تجلياته

آخر أخبار دمشق عشية بل في مواكبة يوم الجمعة من الاسبوع الذي مضى، تأكيدات أطلقها وزير الداخلية محمد الشعار تفيد أن المحامين العامين وقضاة النيابة والقضاة المختصين يعملون من خلال وجودهم في السجون التابعة للوزارة، منذ اللحظة الأولى لصدور مرسوم العفو، على دراسة الملفات الخاصة بكل الموقوفين لاطلاق من تنطبق عليه احكام المرسوم الرئاسي وتطبيقه. وفي المعلومات ان مئات الموقوفين أطلقوا في الأيام الأخيرة وأن اللجان القضائية تنشط بجدية كاملة لاستكمال مراجعة الملفات المتبقية من اجل متابعة عمليات إخلاء السبيل.
في غضون ذلك عقدت «هيئة الحوار الوطني» التي شكلها الرئيس السوري اول اجتماعاتها برئاسة نائب الرئيس فاروق الشرع وحضور اعضائها كافة، لمناقشة الأفكار المتعلقة بآليات الحوار وصيغه الممكنة، على وقع الأجواء الايجابية التي بدأت في الظهور بعد القرارات الاصلاحية الأخيرة، علماً أن مهمة الهيئة واضحة ومحكومة بسقف زمني، وأن الرئيس السوري يواكب أعمالها بصورة مباشرة ويحرص على تسريع آليات الحوار.
وكان الرئيس الأسد قد دعا اعضاء الهيئة، في أول لقاء معهم، الى صياغة واضحة للأسس العامة للحوار بما يحقق توفير مناخ ملائم لكل الاتجاهات الوطنية للتعبير عن افكارها وتقديم آرائها ومقترحاتها في شأن مستقبل الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية في سوريا لتحقيق تحولات واسعة تسهم في توسيع المشاركة.
وأشارت مصادر مطلعة الى ان الحوار الوطني سيتناول ملامح القوانين المقرر صدورها في الفترة المقبلة مثل قانون الاحزاب التي ستشكل لجنة لإعداد مسودته، وقانون الانتخاب العام الذي طرحت مسودته للنقاش العام، وقانون الاعلام الذي بدأت اللجنة الخاصة صياغته. وقد اعلنت الهيئة في اجتماعها الثاني مجموعة من الاجراءات تركز على «المعالجة السياسية للأزمة»، وفي هذا الاطار سيسمح لعدد «من وسائل الاعلام الخارجية بدخول البلاد لتغطية أحداثها وزيارة مختلف المحافظات»، للحد من «التضليل الاعلامي الذي يواكب الازمة»، وفقًا لتعبيرها. ورأت المصادر ان ابرز الاجراءات التي تأتي ايضًا في سياق «تركيز الحل السياسي» ستتمثل في «اعلان يوم للحداد العام في سوريا يشمل كل شهدائها من دون استثناء» وأن البلاد تحتاج الى «ترسيخ اجواء الحوار كما التشجيع عليه». وأوضحت مصادر الهيئة ان هذا يمكن أن يجري عبر لقاءات وحوارات وطنية تعقد تمهيدا على شاشات التلفزيون. وفي هذا السياق  ذكر ان الدولة معنية بالحوار مع جميع من يقبل بالحوار وذلك «تحت سقف الوحدة الوطنية الجامعة»، والقانون 49 الذي شمله عفو الرئيس الاسد بات في حكم الملغى.
وقد اكد اعضاء الهيئة خلال لقائهم الاسد ان اطلاق الحوار الوطني في هذه المرحلة المهمة من تاريخ سوريا يعتبر خطوة اساسية على طريق تجاوز الظروف الراهنة ومعالجة عواملها وأسبابها المختلفة. ويتوقع ان تعقد الهيئة اجتماعات اضافية في بداية الاسبوع الحالي باعتبار ان اجتماعاتها مستمرة لوضع الأسس وتحديد آليات وبرنامج الحوار الوطني بحيث تنجز أعمالها في أسرع وقت ممكن، إضافة الى اقتراحات بعقد حوارات اعلامية وثقافية موازية للحوار تحت سقف الوحدة الوطنية.
وفي معلومات لم تتبلور بصورة كاملة حتى الآن، ان هيئة الحوار تضم سياسيين واقتصاديين وقانونيين وأدباء ومثقفين، ينحدرون من اتجاهات ومدارس مختلفة، وليس حصرا من الجبهة الوطنية او الحزب الحاكم. وأبرز الاسماء بطبيعة الحال نائب الرئيس السوري فاروق الشرع، ابن مدينة درعا المثيرة للجدل، الذي كان موضع ثقة الرئيس الراحل حافظ الاسد ولا يزال احدى الشخصيات البارزة في مواقع القرار السياسي. والذين يعرفونه يؤكدون انه يتمتع بمواصفات المحاور المرن، وبالصلابة الكافية في ما يعتبره  اساساً للأمن الوطني والأمن القومي، وهو واقعي الى حد كبيبر لكنه بالغ الحرص على الثوابت السورية المعروفة ودور سوريا الاقليمي والدولي.
العضو الآخر في هيئة الحوار، هو الامين العام لحزب الاتحاد الاشتراكي العربي في سوريا منذ العام 1983 الدكتور صفوان قدسي. وهو قومي ذو توجه ناصري، وعضو معروف في الجبهة الوطنية التقدمية الحاكمة. اصابت حزبه، الذي تأسس في الستينيات من القرن الماضي، هزات وانشقاقات لكنه ظل في الجناح الموالي للسلطة.
وقد انتخب قدسي أميناً عاماً لحزب الاتحاد الاشتراكي العربي منذ العام 1983، كما كان عضواً في القيادة المركزية للجبهة الوطنية التقدمية منذ العام 1981.
أما الدكتور هيثم سطايحي فهو عضو القيادة القطرية لحزب البعث ومدير مكتب دراسات القصر الجمهوري، وقد عمل رئيساً لمكتب الثقافة والاعداد والاعلام. بدوره، الدكتور ياسر حورية، أحد الأسماء البارزة في هيئة الحوار، هو رئيس مكتب الفلاحين القطري في القيادة القطرية لحزب البعث العربي الاشتراكي.
الوجه اليساري في الهيئة هو حنين نمر (69 عاما) الامين العام للحزب الشيوعي السوري، والوجه المثقف أدبيا هو الكاتب وليد اخلاصي. ويمثل الشريحة الاقتصادية في الحوار الدكتور منير الحمش الباحث الاقتصادي المعروف. وعلى المستوى القانوني ضمت هيئة الحوار الخبير القانوني الدكتور ابراهيم دراجي، وهو استاذ القانون الدولي في جامعة دمشق وجامعة القلمون الخاصة، ويعد اصغر طالب حصل على الدكتوراه في جامعة دمشق.
هذه النخبة السياسية ـ الاقتصادية ـ القانونية ـ الفكرية، هي التي عهد اليها بإطلاق ورشة الحوار الوطني على كل المستويات، وبصورة تجمع بين الالتزام والعقلانية والشمول، والمرونة المطلوبة في الظروف الدقيقة التي تجتازها البلاد، والنقطة المحورية التي قد تنعكس ايجاباً على  بقية النقاط هي إعداد قانون جديد للانتخابات يراعي كل الشروط الاصلاحية المطلوبة لتوسيع قاعدة القرار الوطني، ليصار في ضوئه الى استكمال التشريعات الاخرى اداريا وقضائياً واعلامياً مع تعديل ما يفترض تعديله لضمان دخول المرحلة المقبلة بعافية سياسية واقتصادية حقيقية.
وترى أوساط النخبة السورية ان صدور قرار العفو عن السجناء والمعتقلين السياسيين، وتشكيل هيئة الحوار واطلاق آلية عملها، يعتبران خطوة متقدمة في معالجة الأوجاع التي تشكو منها سوريا، والتي حالت الظروف الاقليمية والدولية دون معالجتها حتى الآن. وفكرة الحوار تقوم في الأساس على فرضية واضحة هي الشراكة في الوطن الواحد، وتضافر كل القوى الحية في مشروع يقضي ببلورة اسس صناعة المستقبل، وبصورة تبلور قناعات مشتركة ومقبولة من جانب مختلف القوى السياسية والمدارس الفكرية على المستوى الوطني، الامر الذي يشكل تطويراً كان الرئيس السوري ولا يزال يطالب به في كل مناسبة. ويتلاقى فريق واسع من أهل الفكر في سوريا على ان صدور مرسوم العفو الرقم 61 الذي يشمل كل الجرائم السياسية يؤسس لمرحلة جديدة بالفعل ويخلق فرص بناء حقيقي وتواصل حقيقي بين مختلف الشرائح الاجتماعية، في ما يعني بناء الثقة بين أبناء الوطن الذي يحملون جميعاً الهوية الواحدة والتطلعات المصيرية الواحدة في مواجهة التحديات التي واجهت وتواجه سوريا على مستوى الصراع مع اسرائيل. ويضيف العارفون ان مساعدة الشعب السوري على تأطير نفسه سياسياً تخلق مساحة واسعة من المبادرات السلمية الطموحة، فضلاً عن انها تنقل الاحتجاجات من الشوارع الى المؤسسات والمنتديات الفكرية والسياسية والمجالس السياسية والنقابية والفكرية والاقتصادية على كل المستويات.
والتوجيهات الواضحة التي زود بها الرئيس الأسد اعضاء اللجنة تقضي بوضع برامج وآليات لتجاوز المرحلة بصدقية وشفافية، تستند في ابعادها النهائية الى الاعلان العالمي لحقوق الانسان، وبناء المجتمع المدني الفاعل، والمقاييس الديمقراطية على مختلف الاصعدة. وفي اقتناع القيادة السورية أن التنوع السياسي والاجتماعي والطبقي والديني حالة طبيعية في مختلف المجتمعات ولا بد من مراعاتها في التأسيس لأي برنامج اصلاحي طموح.
وباختصار، وكما يمكن الاستدلال من وسائل الاعلام السورية، ينطلق الحوار الوطني في سوريا بثقة استناداً الى ثلاثة مسلمات: حق جميع أطراف الوطن في المشاركة السياسية على اساس المساواة في الحقوق والواجبات، الحق في حرية الانتماء السياسي وممارسة هذه الحرية تحت سقف المصلحة الوطنية والقانون، وتعزيز حالة الوصول الى المعلومات وإتاحتها امام الإعلام على قاعدة الحق في الاعلام والحق في التعبير تحت خيمة التوافق الوطني وباحترام كامل للطموحات الوطنية المشروعة.

لكن...
هذه المنطلقات والتوجهات التي بدأ تطبيقها على الأرض، وعلى مستوى المحافظات السورية كلها من دون استثناء، تصطدم حتى الآن بثلاث عقبات.
-العقبة الاولى رفض الذين يشاركون في الاحتجاجات مبدأ الحوار والاصلاح، وإصرارهم على المضي في لعبة التراشق اللفظي والناري احياناً، في ما يتسبب بإجراءات امنية وقائية لا بد منها للحفاظ على الاستقرار الداخلي ووحدة البلاد في ظروف اقليمية ضاغطة.
- العقبة الثانية مشاركة بعض العواصم الغربية في الضغوط التي تمارس على النظام، وكأنها مصرة على ممارسة الوصاية على المنطقة بكاملها، من دون قيود، رغم ادراكها الكامل أن المطلوب الاسهام الفعال في اعادة اللحمة الداخلية وتسريع ورشة الحوار والاصلاح.
- والعقبة الثالثة اصرار اجهزة المخابرات الأميركية والاسرائيلية والغربية، بالتنسيق مع بعض الأجهزة الاقليمية، الاعلامية والامنية، على التحريض على سوريا تحت مظلة ما يسمى بـ”المعارضة السورية” التي تلاقت أطيافها في انطاليا خلال الأسبوع الفائت، واتضح في نهاية المطاف أن الذين اجتمعوا لا يملكون قواعد شعبية حقيقية في الداخل السوري، فضلاً عن انهم منقسمون حول أغراض المؤتمر الذي  عقدوه ومنقسمون حول المستقبل.
وتقول مراجع سورية: ان القيادة مصرة على إنجاز عملية الاصلاح الشاملة، بعيدا من عمليات الابتزاز التي يمارسها الغرب. وهو ما بدا بوضوح في القرارات التي اتخذتها قبل فترة، واستكملتها في الايام الأخيرة بقرارين كبيرين للرئيس الأسد، الأول تمثل بإصدار قرار العفو العام، والثاني بتشكيل لجنة مؤلفة  من شخصيات تنتمي الى فئات سياسية مختلفة ومستقلين لتحديد آليات الحوار والجهات التي سيصار الى التحاور معها.
وتوضح المصادر، ان الحوار سيكون مفتوحا على مختلف النواحي الاصلاحية السياسية والاعلامية والاقتصادية، بدءاً بإعداد قانون جديد للانتخابات التشريعية

 

م:الفارهايت /الكفاح العربي

Zuletzt aktualisiert am Dienstag, den 07. Juni 2011 um 12:07 Uhr