ربيع الثورات العربية PDF Drucken E-Mail
Sonntag, den 22. Mai 2011 um 11:53 Uhr

ثلاث حقائق كبيرة تستوقف في قراءة خطاب باراك أوباما الأخير حول العالم الاسلامي: الأولى الالتزام المطلق بأمن اسرائيل كما تراه اسرائيل، الثانية غياب الرؤية الواضحة في التعامل مع «الثورات» العربية في ما يشبه العجز عن صياغة استراتيجية متكاملة تستشرف المستقبل، والثالثة محاولة ركوب موجة التغيير العربية ودعم الحكومات الجديدة حيث تبدلت الأنظمة وكأن واشنطن هي الوصي الوحيد على مستقبل شعوب المنطقة ومستقبل أنظمتها.
بكلام أكثر وضوحاً: ان الرئيس الاميركي يحاول توظيف «الثورات» العربية، ومواقف «عرب أميركا» في البحرين وخارج البحرين، والأحداث التي تشهدها سوريا وليبيا واليمن، في خدمة هدف استراتيجي مركزي هو مستقبل الولايات المتحدة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، الذي يحمل اسماً آخر هو «ربيع إسرائيل». كيف؟

الأولوية لإسرائيل. هذه العبارة القصيرة جداً تختصر الخطاب الذي توجه به الرئيس الأميركي الى العالم الاسلامي، في أول اطلالة له على هذا العالم بعد مقتل أسامة بن لادن والتطورات الأخيرة المسماة «ثورات» في العالم العربي. والذين راهنوا على «تغيير» ما في توجه الادارة الأميركية حيال الشرق الأوسط خاب ظنهم، إذ إن أي تغيير ولا بداية تغيير، لم يحصل، ولو أن الخطاب انطوى في بعض فقراته على عبارات إنشائية توهم بمقاربة جديدة للصراع. كل ما في الأمر أن أوباما، الذي يستعد لتجديد ولايته، قال وأكد أن إسرائيل تحتل رأس الاهتمامات الأميركية في المنطقة، وأن كل ما يجري من «ثورات» في المشرق العربي كما في المغرب يفترض أن يكون في خدمة هذه الأولوية، بما في ذلك الدعم الاقتصادي الأميركي الهزيل لمصر وتونس، والخلط بين الوضعين الليبي والسوري، ومحاولة الإيحاء بأن سوريا وإيران خطان متلازمان، بالاضافة الى تجاهل ما يجري في البحرين وبعض أطراف الخليج، وتجاهل العنف الذي يمارس في اليمن وعلى كل المستويات.
والانطباع  الأول الذي فرض نفسه بعد مراجعة الخطاب الأوبامي هو أنه لم يرتقِ الى رؤية تستشرف المستقبل، بقدر ما كان محاولة للتكيف مع المشهد العربي الجديد. وبالمقارنة مع «خطاب القاهرة» الذي سبق أن وجهه الى العالم الاسلامي قبل عامين، يمكن القول انه خطاب جاف أقل طموحاً، في مضمونه كما في شكله. بمعنى أن أوباما لم يقل شيئاً جديداً من حيث الجوهر، وأكثر ما أثار الاهتمام ربما هو التزامه بحدود 1967 كقاعدة لحل الدولتين بين اسرائيل والفلسطينيين، لكنه «التزام» فضفاض يقول بتبادل الأراضي، ويهودية الدولة، ويترك مسألة القدس واللاجئين معلقة، ولا يعني بوضوح حدود الدولة الفلسطينية.


ولعل أهم ما في الخطاب هو ما لم يقله الرئيس الأميركي. هو لم يوضح كيفية دعم ما سماه «القوى الديمقراطية والإصلاحية» لدى شركاء بلاده الاستراتيجيين، ولم يشر ولو بكلمة واحدة الى السعودية ودول مجلس التعاون وموقعها في ما يسمى «ربيع الثورات العربية» وكأن حقوق الانسان فيها بألف خير، ولم يعكس أي قلق من تصاعد التيار السلفي في المنطقة، مشرقاً ومغرباً، واكتفى (بأسلوب انشائي) باعتبار مصر وتونس نموذجين للثورات العربية، متوقعاً أن تسقط  أنظمة جديدة على الطريقتين المصرية والتونسية.
ثم ان الخطاب، وهو موجه الى العالم الاسلامي، كان يفترض أن يتوقف عند أحوال أفغانستان والعراق وباكستان، وأوضاع المدنيين في هذه البلدان التي تتعهدها الولايات المتحدة وحلفاؤها، وهي تشهد سقوط عشرات المدنيين كل يوم بالقذائف الأميركية في حرب بدأت في مطلع القرن الثالث ولا تزال تتلمس طريق النهاية.
وقد سجل الفلسطينيون، والمراقبون بصورة عامة، اصرار الرئيس الأميركي وبقوة على تحذير الفلسطينيين من التوحد، ومن السعي لطرح اعلان دولتهم على الأمم المتحدة، وكأنه يصر على التماهي مع الموقف الاسرائيلي في الوقت الذي يقف العالم كله (130 دولة على الأقل) الى جانب المشروع الفلسطيني. ومما قاله بالحرف الواحد: ان جهود تجريد اسرائيل من الشرعية ستنتهي الى الفشل، والتحركات الرامية الى عزل اسرائيل في الأمم المتحدة لن تخلق دولة مستقلة! مضيفاً: ان الالتزام الأميركي بأمن اسرائيل لا يهتز.
في السياق إياه أكد أوباما أن السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين أصبح اكثر إلحاحا من أي وقت مضى بالنسبة الى الطرفين في ظل التغيرات التي تشهدها المنطقة، وقال إن مسعى الفلسطينيين لنزع الشرعية عن إسرائيل أمام الأمم المتحدة لن يحقق دولة فلسطينية مستقلة، مشددا على أن الفلسطينيين لن يحققوا استقلالهم بإنكار حق اسرائيل في الوجود. وأضاف أوباما أنه على إسرائيل في المقابل أن تسعى إلى تحقيق السلام لأن الوضع الحالي غير قابل للاستمرار. وأضاف إن التكنولوجيا ستجعل من الصعب لإسرائيل الدفاع عن نفسها، كما أن التغيرات في المنطقة ستصعب من المسألة، ومن ثم فإن حلم دولة يهودية ديمقراطية لإسرائيل لن يتحقق عبر الاحتلال. وشدد على ضرورة أن يقدم الإسرائيليون والفلسطينيون على تحقيق السلام الذي أكد أنه لا يمكن فرضه من جانب أي طرف خارجي بما في ذلك الولايات المتحدة. وقال إن التأجيل لن يحل المشكلة بين الطرفين مشددا على ضرورة أن يتم تحقيق السلام الدائم بين الجانبين عبر وجود دولة يهودية لإسرائيل تكون وطنا لليهود ودولة فلسطينية تكون وطنا لشعب فلسطين، والاعتراف المتبادل بينهما.

 

لماذا الآن؟
الذين بحثوا عن اسباب هذا “الاندفاع” المثير في خدمة الاستراتيجية الاسرائيلية، توقفوا عند الاعتبارات الآتية:
-الاعتبار الأول هو انشغال جبهة الممانعة العربية (سوريا وليبيا تحديداً) بمعالجة المشاكل الأمنية الداخلية التي نشأت مع انتشار عدوى الانتفاضات العربية، الأمر الذي يحرم المقاومة الفلسطينية من البيئة العربية الحاضنة في التصدي  للمشروع الاسرائيلي التهويدي، علماً أن حركة المقاومة شكلت ولا تزال تحدياً استراتيجياً كبيراً لاسرائيل.
- الاعتبار الثاني هو مشروع التحصين الأمني والسياسي الذي بدأ يرتسم في الأفق الفلسطيني عقب المصالحة الأخيرة، على وقع تفاعل المقاومة مع التغيير الذي شهدته مصر، في ضوء حسابات تقول ان “فلسطة” المقاومة أبعدتها عن الدعم العربي الشعبي ولا بد من إعادة القضية الى مسارها الطبيعي جغرافياً وسياسياً مع التركيز على مجموعة نقاط أساسية:
-المقاومة من داخل فلسطين، وفي هذا سيكون لقطاع غزة الدور الريادي. أما في الضفة الغربية فلا بد من وقف عملية التفاوض والعودة الى روح المقاومة.
- تطوير برامج تهدف إلى جعل المقاومة الفلسطينية جزءاً لا يتجزأ من قضية الأمة الهادفة الى تحرير الأرض العربية وطرد الاستعمار الغربي من المنطقة العربية.
- التصرف بأخلاق القدوة، والتخلي تماماً عن الارتجالية والتعصب والابتزاز، وهذا يتطلب تطوير أخلاقيات حمل السلاح، وأخلاقيات التحصين الأمني، وأخلاقيات احترام الموقع الجغرافي الذي توجد فيه المقاومة.
- تحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية بناء على فكر المقاومة وليس فكر المساومة، كما توحيد المقاومة الفلسطينية بقيادة عسكرية سرية واحدة تؤمن بضرورة مواجهة إسرائيل، ولا تستجيب للمساومات السياسية على القضية الفلسطينية.
- إعادة ترتيب البيت الداخلي الفلسطيني، وتحديد أولويات العمل الوطني، بما يعيد للمقاومة مكانتها ودورها اللائقين.
- ابتعاد فصائل المقاومة عن سلوكيات التعصب والانتقائية والارتقاء إلى مستوى التحدي في مشروع التحرير.
- تشبيك العلاقات الرسمية مع الأنظمة العربية الجديدة، وأي مواقع عربية رسمية أخرى، وتفعيلها والانفتاح على النخب والقوى الحيّة على امتداد الساحة العربية، بما يدعم الخيارات الوطنية للشعب الفلسطيني.
- تطوير استراتيجيات جديدة للمقاومة، تراعي المستويات كافة: المقاطعة بكل صورها، العصيان المدني الكلي، الانتفاضة الشعبية، والمقاومة المسلحة.
- العمل على تفعيل آليات وقف التطبيع مع اسرائيل، والضغط على الجهات التي تقدم له الدعم والمساندة (المادية والمعنوية).
- تحويل مشروع تحرير فلسطين واسترجاع الحقوق المغتصبة إلى برنامج عمل يومي، على أجندة الشعوب العربية والإسلامية، وكل أحرار العالم.
في ضوء هذه المعطيات، وبصورة خاصة المشروع الفلسطيني الجديد المقاوم، أعدت تقارير أميركية تقول ان النظام السوري مشغول هذه الأيام بمعالجة أوضاعه الداخلية، ومصر والسعودية ودولاً عربية أخرى تضغط على سوريا لدفع حركة “حماس” الى المشاركة في حكومة وحدة وطنية مع “فتح”، من أجل تسهيل مهمة المفاوض الاسرائيلي، والوقت ملائم لإطلاق مشروع أميركي جديد للتسوية قبل أن تتحول المصالحة الفلسطينية ـ الفلسطينية الى حالة يصعب اختراقها عن طريق التفاوض.
وفي الأوساط الاسرائيلية كلام بدأ يكبر خلاصته أن أحداث “يوم النكبة” مرشحة للتجدد، وما حصل في بلدة مجدل شمس يشكل البداية في مشروع شعبي لعبور الحدود، يقتدي بالانتفاضات التي تشهدها الساحات والميادين العربية. وفي هذا المشروع محاولة قابلة للتجدد مهمتها تحويل اسرائيل كلها الى “ميدان تحرير” من خلال فكرة “السلسلة البشرية” لإجبار الجيش الاسرائيلي على قتل جماعي للاجئين المصممين على العودة الى ديارهم.
نقرأ في موقع الجيش الاسرائيلي ان المواجهات العنيفة التي شهدها “يوم النكبة” ما كانت لتحصل لولا تضافر العوامل الآتية:
-تصاعد الاحساس بأن الشعب قادر على التغيير، والايمان بقدرة الجماهير العزّل على التغلب على الحكام، ويبدو ان الصدور العارية للمحتجين هي السلاح الجديد غير التقليدي لجمهور الشباب اليائس والعاطل من العمل، الذي لا يقدر النظام على مواجهته، وفي حين استخدم التونسيون والمصريون هذا السلاح ضد حكامهم، فإن الفلسطينيين يستخدمونه حاليا ضد “اسرائيل”.
- بروز قدرة “الفيسبوك والتويتر” على الالتفاف على قمع النظام، وتنظيم حركات الاحتجاج، وتعبئة الجماهير، حيث لعبت وسائل الاتصال الاجتماعي دورا مهماً في الاحداث الاخيرة.
- مشاركة النظامين السوري واللبناني في الاحداث، اذ لم يكن ممكنًا ان تصل الحافلات التي أقلت الجماهير الفلسطينية الغاضبة الى الحدود الاسرائيلية من دون علمهما، وموافقتهما، ورغبتهما في تحويل الانظار عن مشكلاتهما الداخلية.
- الصلة الايرانية بسوريا ولبنان وغزة، فهذه الساحات الثلاث واقعة تحت تأثيرها، حسب زعمه، وليس هناك من تاريخ افضل يمكن استخدامه من اجل تحميل اسرائيل مغبة ما يحدث في الشرق الاوسط منذ تاريخ النكبة 15 ايار (مايو) 1948.
- العامل الاسرائيلي، ذو الاهمية الكبيرة بالنسبة الى العرب الذين اعتقدوا طوال الاعوام الماضية ان اسرائيل لا تتنازل إلا تحت الضغط الخارجي.
يواصل الموقع الاسرائيلي: لدى مشاهدة اعداء اسرائيل التنازلات التي قدمتها في امور اساسية تحت الضغط الخارجي، اصبحوا يدركون ان لا مغزى حقيقياً لخطوطها الحمر، وهم يعتقدون ان تزايد الضغوط عليها سيدفعها الى تقديم المزيد من التنازلات، وأن الضغوط القوية من جانب اللاجئين من شأنها أن تنهك الاسرائيليين، وتدفعهم الى تقديم تنازلات في هذا الموضوع ايضا.
-رغم حرب 2006، وعملية “الرصاص المصبوب:” ضد غزة سنة 2008، فإن صورة اسرائيل اليوم هي “الدولة الضعيفة الجبانة” التي يمكن النيل منها من خلال تقرير “غولدستون” مثلا، وتعتقد الدول المجاورة لها ان المجتمع الاسرائيلي، لا سيما النخبة منه، مسالمة ومستعدة لأن تتنازل عن كل شيء مقابل عودة الهدوء الى “حياتها المرفهة”، وأنها فقدت رغبتها في القتال.
هذا في القراءة الاسرائيلية، وهي متوافقة مع القراءة الاميركية الى حد بعيد، في مواجهة الزمن العربي الجديد الذي انتزعت فيه الشعوب آلية صنع القرار وحق الدفاع عن النفس، في الوقت الذي يتنامى شعور جديد بأن هذه الشعوب قادرة على إحداث التغيير الذي ينتظره الفلسطينيون منذ عقود.
وقد تساءل خبير اسرائيلي بارز عن مدى التزام مصر “الثورة” بجميع بنود اتفاقية “كامب ديفيد”، في ضوء  التظاهرات الضخمة التي وقعت في ساحة التحرير رغم التجارب الصعبة على مدى سنوات، بما فيها قصف المفاعل النووي العراقي في بغداد1981، غزو لبنان والوجود العسكري المستمر للجيش الاسرائيلي في جنوبه هناك بين 1982 – 2000، الانتفاضتان الاولى والثانية في الاراضي الفلسطينية 1987 ـ 2000، وعمليات عسكرية مختلفة في لبنان، الضفة الغربية، وغزة، حيث راعت مصر معظم البنود في الجزء العسكري من المعاهدة، وساعدت على “تخفيض” حرارة الجدل العربي حول مواضيع متصلة بإسرائيل خصوصا ما يتعلق بالصراع مع الفلسطينيين

يبدو ان ربيع الثورات العربية سيزهر في اسرائيل فلقد اصبحنا على قناعة تامة بان الولايات المتحدة و بغض النظر من هو الرئيس لا تعمل الا وفق اجندة اسرائيلية مفروضة عليها و ما على الولايات المتحدة سوى رعاية مصالح اسرائيل اولا و ان خرج تصريح  ولو كزلة لسان من قبل الرئيس الامريكي فان اسرائيل تتوقف عندها و تجعله يصححها كما حدث منذ عدة ايام حين تحدث الرئيس الامريكي عن دولة فلسطينية مشوهة على اساس حدود 1967 الا ان نتنياهو رد عليه بصفعة قاسية جعلته يفوق من احلام اليقظة بان اسرائيل لن تعود الى حدود 1967 مذكرا اياه بان لا احد يستطيع فرض املاءات على اسرائيل حتى ولو كان رئيس الولايات المتحدة الامريكية

و من المفروض ان يلقي الرئيس الامريكي خطابا في المنظمة اليهودية آيباك و يقدم ما لديه لكي يحصل على رضى اللوبي الامريكي كي يستطيع المكوث في البيت الابيض

 

المصدر : الكفاح العربي

Zuletzt aktualisiert am Sonntag, den 22. Mai 2011 um 13:31 Uhr